تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني



الصفحات : 1 2 3 4 5 [6] 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124

ساجدة لله
2010-10-11, 06:10 PM
169 " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 275 :



أخرجه أبو داود ( 4841 ) و ابن حبان ( 1994 ) و البيهقي ( 3 / 209 ) و أحمد

( 2 / 302 , 343 ) و الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 82 / 1 ) من طرق عن

عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن # أبي هريرة # مرفوعا .



ثم روى البيهقي عن أبي الفضل أحمد بن سلمة : سمعت مسلم بن الحجاج يقول :

لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبد الواحد ابن زياد , فقلت له :

حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا ابن فضيل عن عاصم به . فقال مسلم : " إنما

تكلم يحيى بن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل " .

قال البيهقي :

" عبد الواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به " .



قلت : و هو ثقة , في حديثه عن الأعمش وحده مقال , و قد احتج به الشيخان , فليس

هذا من روايته عن الأعمش فهو حجة , و بقية رجال الإسناد ثقات , فالسند صحيح .

على أن متابعة أبي هشام الرفاعي - و اسمه محمد بن يزيد بن محمد الكوفي - لا بأس

بها . فإن أبا هشام , و إن ضعفه بعض الأئمة فليس من أجل تهمة فيه , و قد أخرجه

عنه الترمذي ( 1 / 206 ) و قال :

" حديث حسن صحيح غريب " .



( فائدة ) :

-----------

قال المناوي في " فيض القدير " :

" و أراد بالتشهد هنا الشهادتين , من إطلاق الجزء على الكل , كما في التحيات .

قال القاضي : أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة , و سمي التشهد تشهدا لتضمنه

إياهما , ثم اتسع فيه , فاستعمل في الثناء على الله تعالى و الحمد له " .



قلت : و أنا أظن أن المراد بالتشهد في هذا الحديث إنما هو خطبة الحاجة التي كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه : " إن الحمد لله نحمده و نستعينه

و نستغفره , و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا , من يهده الله

فلا مضل له , و من يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك

له , و أشهد أن محمدا عبده و رسوله " .

و دليلي على ذلك حديث جابر بلفظ :

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيخطب فيحمد الله و يثني عليه بما هو

أهله و يقول : من يهده الله فلا مضل له , و من يضلل فلا هادي له , إن خير

الحديث كتاب الله .... " الحديث .

و في رواية عنه بلفظ :

" كان يقول في خطبته بعد التشهد : إن أحسن الحديث كتاب الله ..‎" الحديث رواه

أحمد و غيره .

فقد أشار في هذا اللفظ إلى أن ما في اللفظ الأول قبيل " إن خير الحديث ... " هو

التشهد , و هو و إن لم يذكر فيه صراحة فقد أشار إليه بقوله فيه : " فيحمد الله

و يثني عليه " و قد تبين في أحاديث أخرى في خطبة الحاجة أن الثناء عليه تعالى

كان يتضمن الشهادتين , و لذلك قلنا : إن التشهد في هذا الحديث إشارة إلى التشهد

المذكور في خطبة الحاجة , فهو يتفق مع اللفظ الثاني في حديث جابر في الإشارة

إلى ذلك . و قد تكلمت عليه في " خطبة الحاجة " ( ص 32 طبع المكتب الإسلامي ) ,

فليراجعه من شاء .

و قوله : " كاليد الجذماء " أي المقطوعة , و الجذم سرعة القطع , يعني أن كل

خطبة لم يؤت فيها بالحمد و الثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة

بها " مناوي .



قلت : و لعل هذا هو السبب أو على الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من

الدروس و المحاضرات التي تلقى على الطلاب أنها لا تفتتح بالتشهد المذكور , مع

حرص النبي صلى الله عليه وسلم البالغ على تعليمه أصحابه إياه , كما شرحته في

الرسالة المشار إليها . فلعل هذا الحديث يذكر الخطباء بتدارك ما فاتهم من

إهمالهم لهذه السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذه السلسلة و غيرها .



( تنبيه ) :

---------

عزى السيوطي في " الجامع الصغير " الحديث إلى أبي داود فقط و زاد عليه في

" الكبير " العسكري و الحلية و البيهقي في السنن , ففاته الترمذي و أحمد

و الحربي ! و لم أره في فهرست " الحلية " للغماري و الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:10 PM
170 " إذا قلت للناس أنصتوا و هم يتكلمون , فقد ألغيت على نفسك " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 278 :



رواه الإمام أحمد ( 2 / 318 ) : حدثنا عبد الرزاق بن همام حدثنا معمر عن همام

عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قلت : فذكر أحاديث

كثيرة هذا أحدها .

و هذا سند صحيح على شرط الشيخين .

و قد أخرجاه في الصحيحين من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :

" إذا قلت لصحابك أنصت يوم الجمعة و الإمام يخطب فقد لغوت " .

و كذلك أخرجه مسلم و غيره من طرق أخرى عن أبي هريرة كما بينته في " إرواء

الغليل " ( رقم 612 ) .

و الظاهر أن هذا حديث آخر يرويه همام - و هو ابن منبه أخو وهب - عن أبي هريرة ,

غير الذي رواه سعيد و من أشرنا إليه عن أبي هريرة . و الله أعلم .



و الحديث مما فات السيوطي في " الجامع الكبير " , فخذه فائدة عزيزة قد لا تجدها

في مكان آخر . و الله الموفق .



( ألغيت ) أي قلت اللغو و ما لا يحسن من الكلام , قال الراغب الأصبهاني في

" المفردات " :

" اللغو من الكلام ما لا يعتد به , و هو الذي يورد لا عن روية فكر , فيجري مجرى

اللغا , و هو صوت العصافير , و نحوها من الطيور , قال أبو عبيدة : لغو و لغا ,

نحو عيب و عاب . و أنشدهم : عن اللغا و رفث الكلم , يقال : لغيت تلغى , نحو

لقيت تلقى , و قد يسمى كل كلام قبيح لغوا " .



قلت : و في الحديث التحذير من الإخلال بأدب رفيع من آداب الحديث و المجالسة ,

و هو أن لا يقطع على الناس كلامهم , بل ينصت هو حتى ينتهي كلامهم , و إن كان

كبير القوم , ثم يتكلم هو بدوره إن شاء , فذلك أدعى إلى حصول الفائدة من الكلام

المتبادل بين الطرفين , لاسيما إذا كان في بحث علمي شرعي , و قد أخل - مع الأسف

- بهذا الأدب أكثر المتباحثين , فإليه نلفت أنظارهم , أدبنا الله تعالى جميعا

بأدب نبيه صلى الله عليه وسلم .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:11 PM
171 " كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتى المصلى , و حتى يقضي

الصلاة , فإذا قضى الصلاة قطع التكبير " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 279 :



أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 1 / 2 ) : حدثنا يزيد بن هارون عن

ابن أبي ذئب عن # الزهري # :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان .. " الحديث .

و من هذا الوجه أخرجه المحاملي في " كتاب صلاة العيدين " ( 2 / 142 / 2 ) .



قلت : و هذا إسناد صحيح لولا أنه مرسل لكن له شاهد موصول يتقوى به , أخرجه

البيهقي ( 3 / 279 ) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر :

" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس

و عبد الله و العباس , و علي , و جعفر , و الحسن , و الحسين , و أسامة بن زيد

و زيد بن حارثة , و أيمن بن أم أيمن رضي الله عنهم , رافعا صوته بالتهليل

و التكبير , فيأخذ طريق الحذائين حتى يأتي المصلى , و إذا فرغ رجع على الحذائين

حتى يأتي منزله " .



قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , غير أن عبد الله بن عمر و هو العمري

المكبر , قال الذهبي : " صدوق في حفظه شيء " .



قلت : فمثله مما يصلح للاستشهاد به , لأن ضعفه لم يأت من تهمة في نفسه , بل من

حفظه , فضعفه يسير , فهو شاهد قوي لمرسل الزهري , و بذلك يصير الحديث صحيحا كما

تقتضيه قواعد هذا العلم الشريف .

و للحديث طريق أخرى عن ابن عمر , روي من طريق الزهري أخبرني سالم بن عبد الله

أن عبد الله بن عمر أخبره به . مثل المرسل .

غير أن إسناده إلى الزهري واه جدا كما بينته في " إرواء الغليل " ( 643 ) فمثله

لا يستشهد به , فلذلك أعرضت عن إيراده هنا .

و قد صح من طريق نافع عن ابن عمر موقوفا مثله . و لا منافاة بينه و بين المرفوع

لاختلاف المخرج , كما هو ظاهر , فالحديث صحيح عندي مرفوعا و موقوفا .

و لفظ الموقوف :

" كان يجهر بالتكبير يوم الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الإمام , فيكبر

بتكبيره " .

أخرجه الفريابي في " كتاب أحكام العيدين " ( ق 129 / 1 ) بسند صحيح , و رواه

الدارقطني ( 180 ) و غيره بزيادة : " و يوم الأضحى " . و سنده جيد .



و في الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في

الطريق إلى المصلى , و إن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة حتى كادت

أن تصبح في خبر كان , و ذلك لضعف الوازع الديني منهم , و خجلهم من الصدع بالسنة

و الجهر بها , و من المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس و تعليمهم , فكأن

الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون ! , و أما ما هم بأمس الحاجة إلى

معرفته , فذلك مما لا يلتفتون إليه , بل يعتبرون البحث فيه و التذكير به قولا

و عملا من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملا و تعليما , فإنا لله

و إنا إليه راجعون .



و مما يحسن التذكير به بهذه المناسبة , أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه

الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض و كذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت

أو لا يشرع , فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور , و مثله الأذان من الجماعة

المعروف في دمشق بـ " أذان الجوق " , و كثيرا ما يكون هذا الاجتماع سببا لقطع

الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده , مثل " لا إله " في تهليل فرض

الصبح و المغرب , كما سمعنا ذلك مرارا .

فنكن في حذر من ذلك و لنذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم :

" و خير الهدي هدي محمد " .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:12 PM
172 " يقول الله لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة : يا ابن آدم ! كيف وجدت

مضجعك ? فيقول : شر مضجع , فيقال له : لو كانت لك الدنيا و ما فيها أكنت مفتديا

بها ? فيقول : نعم , فيقول : كذبت قد أردت منك أهون من هذا , و أنت في صلب " و

في رواية : ظهر " آدم أن لا تشرك بي شيئا و لا أدخلك النار , فأبيت إلا الشرك

, فيؤمر به إلى النار " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 282 :



رواه البخاري ( 2 / 333 و 4 / 239 , 242 ) و مسلم ( 8 / 134 , 135 ) و أحمد

( 3 / 127 , 129 ) و كذا أبو عوانة و ابن حبان في صحيحيهما كما في " الجامع

الكبير " ( 3 / 95 / 1 ) من طريق أبي عمران الجوني - و السياق له عند مسلم

و قتادة , كلاهما عن # أنس # عن النبي صلى الله عليه وسلم .

و له طريق ثالث : عن ثابت عن أنس به نحوه .



عزاه الحافظ في " الفتح " ( 6 / 349 ) لمسلم و النسائي , و لم أره عند مسلم ,

و أما النسائي , فالظاهر أنه يعني " السنن الكبرى " له و الله أعلم .



قوله : ( فيقول : كذبت ) قال النووي :

" معناه لو رددناك إلى الدنيا لما افتديت لأنك سئلت أيسر من ذلك , فأبيت فيكون

من معنى قوله تعالى : ( و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه , و إنهم لكاذبون ) ,

و بهذا يجتمع معنى هذا الحديث مع قوله تعالى : ( لو أن لهم ما في الأرض جميعا

و مثله معه لافتدوا به ) .



قوله : ( قد أردت منك ) أي أحببت منك , و الإرادة في الشرع تطلق و يراد بها ما

يعم الخير و الشر و الهدى و الضلال كما في قوله تعالى ( و من يرد الله أن يهديه

يشرح صدره للإسلام , و من يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في

السماء ) . و هذه الإرادة لا تتخلف . و تطلق أحيانا و يراد بها ما يرادف الحب

و الرضا , كما في قوله تعالى ( يريد الله بكم اليسر , و لا يريد بكم العسر ) ,

و هذا المعنى هو المراد من قوله تعالى في هذا الحديث ( أردت منك ) أي أحببت

و الإرادة بهذا المعنى قد تتخلف , لأن الله تبارك و تعالى لا يجبر أحدا على

طاعته و إن كان خلقهم من أجلها ( فمن شاء فليؤمن , و من شاء فليكفر ) , و عليه

فقد يريد الله تبارك و تعالى من عبده ما لا يحبه منه . و يحب منه ما لا يريده ,

و هذه الإرادة يسميها ابن القيم رحمه الله تعالى بالإرادة الكونية أخذا من قوله

تعالى ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له : كن فيكون ) , و يسمى الإرادة

الأخرى المرادفة للرضا بالإرادة الشرعية , و هذا التقسيم , من فهمه انحلت له

كثير من مشكلات مسألة القضاء و القدر , و نجا من فتنة القول بالجبر أو الاعتزال

و تفصيل ذلك في الكتاب الجليل " شفاء العليل في القضاء و القدر و الحكمة

و التعليل " لابن القيم رحمه الله تعالى .



قوله ( و أنت في صلب آدم ) .

قال القاضي عياض :

" يشير بذلك إلى قوله تعالى ( و إذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم )

الآية , فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم , فمن وفى به بعد وجوده في

الدنيا فهو مؤمن , و من لم يوف به فهو كافر , فمراد الحديث : اردت منك حين أخذت

الميثاق , فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إلا الشرك " . ذكره في " الفتح " .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:12 PM
173 " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه

قاتلك الله , فإنما هو عندك دخيل , يوشك أن يفارقك إلينا " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 284 :



أخرجه الترمذي ( 2 / 208 بشرح التحفة ) و ابن ماجه ( 6 / 641 ) و أحمد

( 5 / 242 ) و أبو عبد الله القطان في " حديثه عن الحسن بن عرفة "

( ق 145 / 1 ) و الهيثم بن كليب في " مسنده " ( 167 / 1 ) و أبو العباس الأصم

في " مجلسين من الأمالي " ( ق 3 / 1 ) و أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 14 / 2 )

من طرق عن إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة

الحضرمي عن # معاذ بن جبل # عن النبي صلى الله عليه وسلم به .



و قال الترمذي :

" حديث غريب , لا نعرفه إلا من هذا الوجه , و رواية إسماعيل بن عياش عن

الشاميين أصلح , و له عن أهل الحجاز و العراق مناكير " .



قلت : و قد وثقه أحمد و ابن معين و البخاري و غيرهم في روايته عن الشاميين

و هذه منها , فإن بحير بن سعد شامي ثقة و كذلك سائر الرواة فالسند صحيح ,

و لا أدري لماذا اقتصر الترمذي على استغرابه , و لم يحسنه على الأقل .

ثم رأيت المنذري في " الترغيب " ( 3 / 78 ) نقل عن الترمذي أنه قال فيه :

" حديث حسن " .



قلت : و كذا في نسخة بولاق من " الترمذي " ( 1 / 220 ) , و هذا أقل ما يمكن أن

يقال فيه .



( دخيل ) أي ضيف و نزيل . يعني هو كالضيف عليك , و أنت لست بأهل له حقيقة ,

و إنما نحن أهله , فيفارقك قريبا , و يلحق بنا .



( يوشك ) أي يقرب , و يسرع , و يكاد .

في الحديث - كما ترى - إنذار للزوجات المؤذيات .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:13 PM
174 " لا بأس بالغنى لمن اتقى , و الصحة لمن اتقى خير من الغنى , و طيب النفس من

النعيم " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 285 :



أخرجه ابن ماجه ( 2141 ) و الحاكم ( 2 / 3 ) و أحمد ( 5 / 272 و 381 ) من طريق

عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة أنه سمع # معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن

عمه # قال :

" كنا في مجلس , فجاء النبي صلى الله عليه وسلم و على رأسه أثر ماء , فقال له

بعضنا : نراك اليوم طيب النفس , فقال : أجل , و الحمد لله , ثم أفاض القوم في

ذكر الغنى , فقال : " فذكره .



و قال الحاكم :

" صحيح الإسناد , و الصحابى الذي لم يسم هو يسار بن عبد الله الجهني " .

و وافقه الذهبي .



قلت : و هو كما قالا , فإن رجاله ثقات كلهم , و قال البوصيري في الزوائد " :

" إسناده صحيح , و رجاله ثقات " .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:14 PM
175 " لا يشربن أحد منكم قائما " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 286 :



رواه مسلم ( 6 / 110 - 111 ) عن عمر بن حمزة أخبرني أبو غطفان المري أنه سمع

# أبا هريرة # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و زاد :

" فمن نسي فليستقىء " .



قلت : و عمر هذا و إن احتج به مسلم فقد ضعفه أحمد و ابن معين و النسائي و غيرهم

و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " , فالحديث بهذه الزيادة ضعيف .لكن

صح بلفظ آخر , و لذلك أوردته هنا بدونها , فقد رواه أبو زياد الطحان قال : سمعت

أبا هريرة يقول , عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه رأى رجلا يشرب قائما فقال

له : قه , قال , لمه ? قال , أيسرك أن يشرب معك الهر ? قال : لا , قال :

فإنه قد شرب معك من هو شر منه ! الشيطان !!



أخرجه أحمد ( 7990 ) و الدارمي ( 2 / 121 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار "

( 3 / 19 ) عن شعبة عن أبي زياد به .

و هذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي زياد هذا , قال ابن معين ثقة .

و قال أبو حاتم : " شيخ صالح الحديث " . كما في " الجرح و التعديل " ( 4 / 2 /

373 ) , فقول الذهبي فيه " لا يعرف " , مما لا يعرج عليه , بعد توثيق هذين

الإمامين له .



و قد ورد الحديث بلفظ آخر و هو :

" لو يعلم الذي يشرب و هو قائم ما في بطنه لاستقاء " .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:14 PM
176 " لو يعلم الذي يشرب و هو قائم ما في بطنه لاستقاء " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 287 :



أخرجه أحمد ( 7795 و 7796 ) عن الزهري عن رجل , و عن الأعمش عن أبي صالح كلاهما

عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

و رواه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 18 ) عن الأعمش به و زاد :

" فبلغ علي بن أبي طالب , فقام فشرب قائما " .



قلت : و الإسناد الثاني صحيح رجاله الشيخين , و في السند الأول الرجل الذي لم

يسم , فإن كان غير الأعمش , فهو تقوية للحديث , و إن كان هو هو , فلا يعله ,

كما هو ظاهر . و في " مجمع الزوائد " ( 5 / 79 ) :

" رواه أحمد بإسنادين , و البزار , و أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح " .

و في الحديث تلميح لطيف إلى النهي عن الشرب قائما , و قد جاء التصريح بذلك من

حديث أنس رضي الله عنه و هو :

" نهى " و في لفظ : زجر " عن الشرب قائما " .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:25 PM
177 " نهى " و في لفظ : زجر " عن الشرب قائما " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 288 :



رواه مسلم ( 6 / 110 ) و أبو داود ( رقم 3717 ) و الترمذي ( 3 / 111 ) و

الدارمي ( 2 / 120 - 121 ) و ابن ماجه ( 2 / 338 ) و الطحاوي في " شرح المعاني

"

( 2 / 357 ) و " المشكل " ( 3 / 18 ) و الطيالسي ( 2 / 332 ) و أحمد

( 3 / 118 , 131 , 147 , 199 , 214 , 250 , 277 , 291 ) و أبو يعلى

( 156 / 2 , 158 / 2 , 159 / 2 ) و " الضياء " في " المختارة " ( 205 / 2 )

من طريق قتادة عن # أنس # مرفوعا , و زاد الأخيران : " و الأكل قائما " .

و في إسنادهما مطر الوراق , ضعيف , و قد خولف , ففي رواية مسلم و غيره :

" قال قتادة : فقلنا : فالأكل ? فقال : ذاك أشر و أخبث " .



قلت : فروايتهما مدرجة . و لقتادة فيه إسنادان آخران :

فرواه عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري , باللفظ الثاني .

أخرجه مسلم و الطحاوي .

ثم رواه عن أبي مسلم الجذمي عن الجارود بن العلاء رضي الله عنه .

أخرجه الطحاوي و الترمذي و قال :

" حديث حسن غريب " . و له شاهد من حديث أبي هريرة مثله .

أخرجه أحمد ( 2 / 327 ) و الطحاوي و سنده صحيح .

و له شاهد آخر من حديث جابر نحوه . أخرجه أبو عروبة الحراني في

" حديث الجزريين " ( 51 / 1 ) بسند صحيح .

و ظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر , و قد جاءت

أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما , فاختلف العلماء في

التوفيق بينها , و الجمهور على أن النهي للتنزيه , و الأمر بالاستقاء للاستحباب

.

و خالفهم ابن حزم فذهب إلى التحريم , و لعل هذا هو الأقرب للصواب , فإن القول

بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ " زجر " , و لا الأمر بالاستقاء , لأنه أعني

الاستقاء فيه مشقة شديدة على الإنسان , و ما أعلم أن في الشريعة مثل هذا

التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب ! و كذلك قوله " قد شرب معك الشيطان " فيه

تنفير شديد عن الشرب قائما , و ما إخال ذلك يقال في ترك مستحب .

و أحاديث الشرب قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان , أو كون القربة

معلقة و في بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك . و الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-11, 06:26 PM
178 " ارقيه , و علميها حفصة , كما علمتيها الكتاب , و في رواية الكتابة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 289 :



أخرجه الحاكم ( 4 / 56 - 57 ) من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان حدثنا

إسماعيل بن محمد بن سعد أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي حدثه أن رجلا

من الأنصار خرجت به نملة , فدل أن # الشفاء بنت عبد الله # ترقي من النملة ,

فجاءها فسألها أن ترقيه , فقالت : و الله ما رقيت منذ أسلمت , فذهب الأنصاري

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء , فدعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم الشفاء , فقال اعرضي علي , فعرضتها عليه فقال : فذكر الحديث

و قال : " صحيح على شرط الشيخين " و وافقه الذهبي .



قلت : و قد تابع إبراهيم بن سعد عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز , و لكنه

خالفه في السند و المتن .

أما السند فقال : عن صالح بن كيسان عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن سليمان بن أبي

حثمة عن الشفاء بنت عبد الله . فأسقط منه إسماعيل بن محمد بن سعد .

و أما المتن فرواه بلفظ :

" دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم و أنا عند حفصة , فقال لي : ألا تعلمين

هذه رقية النملة , كما علمتها الكتابة ? " .

فلم يذكر فيه عرضها الرقية عليه صلى الله عليه وسلم و أمره إياها بالرقية ,

و ستعلم أهمية ذلك في فهم الحديث على الوجه الصحيح قريبا إن شاء الله تعالى .

أخرجه أحمد ( 6 / 372 ) و أبو داود ( 2 / 154 ) و الطحاوي في " شرح معاني

الآثار " ( 2 / 388 ) و النسائي أيضا كما في " الفتاوي الحديثية " للسخاوي

( 81 / 2 ) و " نيل الأوطار " للشوكاني ( 8 / 176 ) .

و الرواية الأولى أصح لوجهين :



الأول : أن إبراهيم بن سعد أحفظ من مخالفه عبد العزيز بن عمر .

فإنهما و إن كان الشيخان قد احتجا بهما كليهما , فإن الأول قال فيه الحافظ في

" التقريب " : " ثقة حجة : تكلم فيه بلا قادح " . و أما الآخر , فقال فيه :

" صدوق يخطىء " , و لهذا أورده الذهبي في " الميزان " و في " الضعفاء " , و لم

يورد الأول .



الثاني : أن إبراهيم معه زيادة في السند و المتن , و زيادة الثقة مقبولة كما هو

معروف .

و قد تابعه في الجملة محمد بن المنكدر عن أبي بكر بن سليمان به مختصرا لكنه

خالفه في إسناده فقال :

" عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها , و عندها امرأة يقال لها

شفاء ترقي من النملة , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : علميها حفصة " .

فجعل الحديث من مسند حفصة لا الشفاء .

أخرجه أحمد ( 6 / 286 ) و الطحاوي و الحاكم ( 4 / 414 ) و أبو نعيم في " الطب "

( 2 / 28 / 2 ) عن سفيان عن ابن المنكدر .

و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .



قلت : و هو كما قالا أيضا , و الخلاف المذكور لا يضر إن شاء الله تعالى , لأن

من الممكن أن تكون حفصة حدثت به كما حدثت به الشفاء , فإن القصة وقعت بحضورهما

ثم رواه أبو بكر بن سليمان تارة عن هذه , و تارة عن هذه , لكن ذكر السخاوي أنه

اختلف على سفيان في وصله , و إرساله .



قلت : و هذا لا يضر أيضا , فقد رواه عنه موصولا كما أوردناه جماعة من الثقات

عند الحاكم , و غيرهم عند غيره فلا عبرة بمخالفة من خالفهم .

و تابعه أيضا كريب بن سليمان الكندي قال :

" أخذ بيدي علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم حتى انطلق بي إلى رجل من قريش

أحد بني زهرة يقال له : ابن أبي حثمة , و هو يصلي قريبا منه , حتى فرغ ابن أبي

حثمة من صلاته , ثم أقبل علينا بوجهه , فقال له علي بن الحسين : الحديث الذي

ذكرت عن أمك في شأن الرقية ? فقال : نعم : حدثتني أمي أنها كانت ترقي برقية في

الجاهلية فلما أن جاء الإسلام قالت : لا أرقي حتى أستأمر رسول الله صلى الله

عليه وسلم فقال النبي " أرقي ما لم يكن شرك بالله عز و جل " .



أخرجه ابن حبان ( 1414 ) و الحاكم ( 4 / 57 ) من طريق الجراح بن الضحاك الكندي

عن كريب به . و علقه ابن منده من هذا الوجه .

و كريب هذا أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 169 ) لكنه

سمى أباه سليما , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .

ثم رواه الحاكم و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 332 / 1 ) من طريق عثمان

ابن عمر بن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة القرشي العدوي حدثني أبي عن جدي عثمان

بن سليمان عن أبيه عن أمه الشفاء بنت عبد الله أنها كانت ترقي برقى الجاهلية ,

و أنها لما هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه فقالت : يا رسول الله

إني كنت أرقي برقى في الجاهلية , فقد رأيت أن أعرضها عليك , فقال : اعرضيها

فعرضتها عليه , و كانت منها رقية النملة , فقال ارقي بها و علميها حفصة : بسم

الله , صلوب , حين يعود من أفواهها , و لا تضر أحدا , اللهم اكشف البأس , رب

الناس , قال : ترقي بها على عود كركم سبع مرات , و تضعه مكانا نظيفا , ثم تدلكه

على حجر , و تطليه على النملة .

سكت عليه الحاكم . و قال الذهبي : " سئل ابن معين عن عثمان فلم يعرفه " .

يعني عثمان بن عمر , و قال ابن عدي : " مجهول " .



قلت : و هذه الطريق مع ضعفها و كذا التي قبلها , فلا بأس بهما في المتابعات .



غريب الحديث

------------

( نملة ) هي هنا قروح تخرج في الجنب .

( رقية النملة ) قال الشوكاني في تفسيرها :

" هي كلام كانت نساء العرب تستعمله , يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر و لا

ينفع , و رقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال للعروس تحتفل و تختضب ,

و تكتحل , و كل شيء يفتعل , غير أن لا تعصي الرجل " .

كذا قال , و لا أدري ما مستنده في ذلك , و لاسيما و قد بني عليه قوله الآتي

تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم : " ألا تعلمين هذه ... " :

" فأراد صلى الله عليه وسلم بهذا المقال تأنيب حفصة و التأديب لها تعريضا ,

لأنه ألقى إليها سرا فأفشته على ما شهد به التنزيل في قوله تعالى ( و إذ أسر

النبي إلى بعض أزواجه حديثا ) الآية " .

و ليت شعري ما علاقة الحديث بالتأنيب لإفشاء السر, و هو يقول :

" كما علمتها الكتاب , فهل يصح تشبيه تعليم رقية لا فائدة منها بتعليم

الكتابة ? ! و أيضا فالحديث صريح في أمره صلى الله عليه وسلم للشفاء بترقية

الرجل الأنصاري من النملة و أمره إياها بأن تعلمها لحفصة , فهل يعقل بأن يأمر

صلى الله عليه وسلم بهذه الترقية لو كان باللفظ الذي ذكره الشوكاني بدون أي سند

و هو بلا شك كما قال كلام لا يضر و لا ينفع , فالنبي صلى الله عليه وسلم أسمى

من أن يأمر بمثل هذه الترقية , و لئن كان لفظ رواية أبي داود يحتمل تأويل

الحديث على التأنيب المزعوم , فإن لفظ الحاكم هذا الذي صدرنا به هذا البحث لا

يحتمله إطلاقا , بل هو دليل صريح على بطلان ذلك التأويل بطلانا بينا كما هو

ظاهر لا يخفى , و كأنه لذلك صدر ابن الأثير في " النهاية " تفسير الشوكاني

المذكور لـ ( رقية النملة ) و عنه نقله الشوكاني , صدره بقوله " قيل " مشيرا

بذلك إلى ضعف ذلك التفسير و ما بناه عليه من تأويل قوله " ألا تعلمين ...‎" !



( كركم ) هو الزعفران , و قيل العصفر , و قيل شجر كالورس , و هو فارسي معرب .

( صلوب ) كذا و لم أعرف له معنى , و لعله - إن سلم من التحريف - لفظ عبري .

و الله أعلم .



من فوائد الحديث

------------------

و في الحديث فوائد كثيرة أهمها اثنتان :

الأولى : مشروعية ترقية المرء لغيره بما لا شرك فيه من الرقى , بخلاف طلب

الرقية من غيره فهو مكروه لحديث " سبقك بها عكاشة " و هو معروف مشهور .

و الأخرى : مشروعية تعليم المرأة الكتابة . و من أبواب البخاري في

" الأدب المفرد " ( رقم 1118 ) : " باب الكتابة إلى النساء و جوابهن " .

ثم روى بسنده الصحيح عن موسى بن عبد الله قال :

" حدثتنا عائشة بنت طلحة قالت : قلت لعائشة - و أنا في حجرها , و كان الناس

يأتونها من كل مصر , فكان الشيوخ ينتابوني لمكاني منها , و كان الشباب يتأخوني

فيهدون إلي , و يكتبون إلي من الأمصار , فأقول لعائشة - يا خالة هذا كتاب فلان

و هديته . فتقول لي عائشة أي بنية ! فأجيبيه و أثيبيه , فإن لم يكن عندك ثواب

أعطيتك , قالت : فتعطيني " .



قلت : و موسى هذا هو ابن عبد الله بن إسحاق به طلحة القرشي , روى عن جماعة من

التابعين , و عنه ثقتان , ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 4 / 1 /

150 ) و من قبله البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 287 ) و لم يذكرا فيه

جرحا و لا تعديلا , و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال الحافظ في

" التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة , و إلا فهو لين الحديث .

و قال المجد ابن تيمية في " منتقى الأخبار " عقب الحديث :

" و هو دليل على جواز تعلم النساء الكتابة " .

و تبعه على ذلك الشيخ عبد الرحمن بن محمود البعلبكي الحنبلي في " المطلع "

( ق 107 / 1 ) , ثم الشوكاني في " شرحه " ( 8 / 177 ) و قال :

" و أما حديث " لا تعلموهن الكتابة , و لا تسكنوهن الغرف , و علموهن سورة

النور " , فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من

تعليمها الفساد " .



قلت : و هذا الكلام مردود من وجهين :

الأول : أن الجمع الذي ذكره يشعر أن حديث النهي صحيح , و إلا لما تكلف التوفيق

بينه و بين هذا الحديث الصحيح . و ليس كذلك , فإن حديث النهي موضوع كما قال

الذهبي . و طرقه كلها واهية جدا , و بيان ذلك في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "

رقم ( 2017 ) , فإذا كان كذلك فلا حاجة للجمع المذكور , و نحو صنيع الشوكاني

هذا قول السخاوي في هذا الحديث الصحيح " أنه أصح من حديث النهي " ! فإنه يوهم

أن حديث النهي صحيح أيضا .

و الآخر : لو كان المراد من حديث النهي من يخشى عليها الفساد من التعليم لم يكن

هناك فائدة من تخصيص النساء بالنهي , لأن الخشية لا تختص بهن , فكم من رجل كانت

الكتابة عليه ضررا في دينه و خلقه , أفينهى أيضا الرجال أن يعلموا الكتابة ? !

بل و عن تعلم القراءة أيضا لأنها مثل الكتابة من حيث الخشية !

و الحق أن الكتابة و القراءة , نعمة من نعم الله تبارك و تعالى على البشر كما

يشير إلى ذلك قوله عز و جل ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق . اقرأ

و ربك الأكرم . الذي علم بالقلم ) , و هي كسائر النعم التي امتن الله بها عليهم

و أراد منهم استعمالها في طاعته , فإذا وجد فيهم من يستعملها في غير مرضاته ,

فليس ذلك بالذي يخرجها عن كونها نعمة من نعمه , كنعمة البصر و السمع و الكلام

و غيرها , فكذلك الكتابة و القراءة , فلا ينبغي للآباء أن يحرموا بناتهم من

تعلمها شريطة العناية بتربيتهن على الأخلاق الإسلامية , كما هو الواجب عليهم

بالنسبة لأولادهم الذكور أيضا , فلا فرق في هذا بين الذكور و الإناث .



و الأصل في ذلك أن كل ما يجب للذكور وجب للإناث , و ما يجوز لهم جاز لهن

و لا فرق , كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما النساء شقائق

الرجال " , رواه الدارمي و غيره , فلا يجوز التفريق إلا بنص يدل عليه , و هو

مفقود فيما نحن فيه , بل النص على خلافه , و على وفق الأصل , و هو هذا الحديث

الصحيح , فتشبث به و لا ترض به بديلا , و لا تصغ إلى من قال :

ما للنساء و للكتابة و العمالة و الخطابة

هذا لنا و لهن منا أن يبتن على جنابة !

فإن فيه هضما لحق النساء و تحقيرا لهن , و هن كما عرفت شقائق الرجال .

نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإنصاف و الاعتدال في الأمور كلها .