المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الأول



الصفحات : 1 [2] 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54

ساجدة لله
2010-10-23, 04:55 AM
الجزء الثالث: الفرق الدينية اليهودية

1 ـ الفرق الدينية اليهودية (حتى القرن الأول الميلادي).

2 ـ اليهودية والإسلام.

3 ـ اليهودية والمسيحية.

4 ـ الحسيدية.

5 ـ اليهودية الإصلاحية.

6 ـ اليهودية الأرثوذكسية.

7 ـ اليهودية المحافظة.

8 ـ تجديد اليهودية وعلمنتها.

9 ـ اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة.

10 ـ اليهودية بين لاهوت موت الإله ولاهوت التحرير.

11 ـ العبادات الجديدة.

المجلد السادس :الصهيونية

الجزء الأول: إشكاليات وموضوعات أساسية
1 ـ التعريف بالصهيونية.

2 ـ التيارات الصهيونية.

3 ـ العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية.

4 ـ وضع العقد موضع التنفيذ.

5 ـ الصهيونية والعلمانية الشاملة.

6 ـ الخطاب الصهيوني المراوغ.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:55 AM
الجزء الثاني: تاريخ الصهيونية

1 ـ تاريخ الصهيونية.

2 ـ الإرهاصات اليهودية الأولى: حملات الفرنجة (الصليبيين).

3 ـ صهيونية غير اليهود المسيحية.

4 ـ صهيونية غير اليهود العلمانية.

5 ـ الصهيونية التوطينية.

6 ـ المؤسسات التوطينية.

7 ـ الصهيونية الاستيطانية (العملية).

8 ـ تيودور هرتزل.

9 ـ الصهيونية السياسية.

10 ـ الصهيونية العامة (أو الصهيونية العمومية).

11 ـ الصهيونية العمالية.

12 ـ الصهيونية الإثنية الدينية.

13 ـ الصهيونية الإثنية العلمانية.

14 ـ الصهيونية الإقليمية.

15 ـ الدولة مزدوجة القومية.

الجزء الثالث: المنظمة الصهيونية

1 ـ المنظمة الصهيونية العالمية.

2 ـ اللوبي اليهودي والصهيوني.

3 ـ الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة.

4 ـ الجباية الصهيونية.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:55 AM
الجزء الرابع: الصهيونية والجماعات اليهودية

1 ـ موقف الصهيونية وإسرائيل من الجماعات اليهودية في العالم.

2 ـ موقف الجماعات اليهودية من الصهيونية.

3 ـ الرفض اليهودي للصهيونية.

4 ـ شخصيات ومنظمات يهودية معادية للصهيونية.




المجلد السابع :إسرائيل: المستوطن الصهيوني

الجزء الأول: إشكالية التطبيع والدولة الوظيفية

1 ـ إشكالية التطبيع.

2 ـ الدولة الصهيونية الوظيفية.

الجزء الثاني: الدولة الاستيطانية الإحلالية

1 ـ الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

2 ـ إحلالية الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.

3 ـ التهجير (الترانسفير) والهجرة الاستيطانية.

4 ـ هجرة اليهود السوفيت.

الجزء الثالث: العنصرية والإرهاب الصهيونيان

1 ـ العنصرية الصهيونية.

2 ـ الإرهاب الصهيوني / الإسرائيلي حتى عام 1948.

3 ـ الإرهاب الصهيوني / الإسرائيلي منذ عام 1948.

الجزء الرابع: النظام الاستيطاني الصهيوني
1 ـ الاستيطان والاقتصاد.

2 ـ التوسع الجغرافي أم الهيمنة الاقتصادية ؟

3 ـ النظام السياسي الإسرائيلي.

4 ـ نظرية الأمن.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:55 AM
الجزء الخامس: أزمة الصهيونية والمسألة الإسرائيلية

1 ـ أزمة الصهيونية.

2 ـ الاستجابة الصهيونية / الإسرائيلية للأزمة.

3 ـ المسألة الإسرائيلية والحلول الصهيونية.

4 ـ المسألة الفلسطينية.
السيرة الذاتية لمؤلف الموسوعة (الدكتور/ عبد الوهاب المسيرى)

* ليسانس آداب ـ أدب إنجليزي ـ جامعة الإسكندرية (1959)

* ماجستير في الأدب الإنجليزي والمقارن ـ جامعة كولومبيا Columbia University ـ الولايات المتحدة الأمريكية (1964)

* دكتوراه في الأدب الإنجليزي والأمريكي والمقارن ـ جامعة رتجرز Rutgers University ـ الولايات المتحدة الأمريكية (1969)

* خبير الصهيونية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام (حتى عام 1975).

* عضو الوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم (حتى عام 1979).

* أستاذ بجامعة عين شمس وجامعة الملك سعود وجامعة الكويت (حتى عام 1989)

* أستاذ غير متفرغ بجامعة عين شمس (1989 ـ حتى الآن)

* المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي (1992 ـ حتى الآن

ساجدة لله
2010-10-23, 04:56 AM
* عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية ـ واشنطن ـ الولايات المتحدة (1997 ـ حتى الآن)
* أستاذ زائر بجامعة ماليزيا الإسلامية فى كوالالامبور، وبعديد من الجامعات العربية وبأكاديمية ناصر العسكرية.

* صدر له العديد من الكتب من أهمها: نهاية التاريخ:مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيونى (1972) كتبه حينما كان يعمل رئيساً لوحدة الفكر الصهيونى وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، كما صدر له كتاب من جزأين بعنوان: الأيديولوجية الصهيونية، دراسة حالة فى علم اجتماع المعرفة (صدرت منه طبعة ثانية من جزء واحد عام (1988)، وقد وضع المؤلف عدة مؤلفات بالإنجليزية حينما كان يشغل منصب المستشار الثقافى للوفد الدائم للجامعة العربية لدى هيئة الأمم المتحدة (1975-1979)، من أهمها كتاب عن الصهيونية بعنوان أرض الوعد: نقد الصهيونية السياسية.

)قرر تدريسه فى عدد من الجامعات الأمريكية)، وكتاب أخر عن تطور العلاقة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا )نشرت منه عدة طبعات بعدة لغات) كما صدر له كتاب ثالث (ب######### عنوانه: الفردوس الأرضى: دراسات وانطباعات عن الحضارة الأمريكية.

وفى السنوات الأخيرة صدرت للدكتور المسيرى عدة كتب من أهمها: الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية وهجرة اليهود السوفييت ، وقد نشرت له دار الشروق عام 1997 الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ، ومن هو اليهودى؟ كما نشرت له عام 1998 اليد الخفية، ونشر له مركز الدراسات المعرفية والمعهد العالمى للفكر الإسلامى بواشنطن والقاهرة كتاب إشكالية التحيز (سبعة مجلدات) من تأليفه وتحريره، وللدكتور المسيرى العديد من المقالات فى الجرائد والمجلات والحوليات، العربية والأجنبية، وقد قام الدكتور المسيرى بكتابة المداخل الخاصة بالصهيونية والانتفاضة فى عدد من الموسوعات والكتب والمراجع المتخصصة، وقد ترجمت بعض أعماله إلى الفارسية والتركية والبرتغالية والفرنسية، وللدكتور المسيرى اهتمام خاص بالنقد الأدبى وتاريخ الفكر والحضارة (بحكم تخصصه الأكاديمى)، فألقى العديد من المحاضرات عن هذه الموضوعات فى الجامعات والمؤتمرات العربية والغربية، كما نشر العديد من المقالات فى الجرائد والمجلات والحوليات العربية والأجنبية، وله عدة كتب فى الشعر الرومانتيكى الإنجليزى وشعر المقاومة الفلسطينى، ويكتب الدكتور المسيرى فى الوقت الحاضر سلسلة من القصص للأطفال تنشرها دار الشروق تحت عنوان حكايات هذا الزمان.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:56 AM
المراجع والمرجعية

جرت العادة أن تضم قائمة المراجع الكتب التي استعان بها المؤلف في وضع بحثه أو مؤلفه، وخصوصاً تلك التي اقتبس منها بشكل مباشر. وهذا يدل على هيمنة النماذج التراكمية والمادية. فالمصادر التي لم نقتبس منها قد تكون أكثر أهمية من تلك التي نقتبس منها، وذلك إن أثَّرت في صياغة النموذج الإدراكي والتفسيري نفسه الذي يستخدمه الكاتب في طريقة رؤيته للظواهر، بينما نجد أن كثيراً من الكتب التي نقتبس منها هي مجرد مصدر للحقائق؛ مادة أرشيفية وحسب.

ويمكننا هنا أن نميِّز بين المراجع والمرجعية. فالمراجع تتناول الاقتباسات المباشرة أما المرجعية فتتناول جذور الفكر نفسه وتشكل النموذج التفسيري والتحليلي. وأعتقد أنه لابد أن يوجد ثبت بالمرجعية إلى جانب ثبت المراجع، تُدرج فيه أسماء الأساتذة والمؤلفين والشخصيات التي أثَّرت في الكاتب حتى لو لم يقتبس مباشرةً من كتاباتهم.

أ ) المرجعية:

من أهم مرجعياتي الأستاذ سعيد البسيوني (بالبنك الأهلي ) صديقي منذ الصبا، الذى ساهم في تدريبي على التفكير وعلى التعمق في الأمور وتجاوز السطح؛ والدكتور إميل جورج، مدرس الفلسفة بدمنهور الثانوية، والدكتورة نور شريف، رئيس قسم اللغة الإنجليزية وآدابها بالإسكندرية؛ والدكتور محمد مصطفى بدوي، أستاذ بجامعة أوكسفورد، والأستاذ ديفيد وايمر، أستاذ الأدب الأمريكي بجامعة رتجرز؛ وليونيل تريلنج، الناقد الأمريكي المعروف والأستاذ بجامعة كولومبيا، والأستاذ كافين رايلى، المؤرخ الأمريكى وزميلى فى جامعة رتجرز.

ومن أهم الكتابات التي ساعدت على تشكيل مرجعيتي والمنهج التحليلي الذي أتبناه كتابات كارل ماركس الإنسانية وجورج لوكاتش وروجيه جارودي وماكس فيبر وبازل ويلي وإرفنج بابيت. وقد ساهمت كتابات أبراهام ماير، مؤلف كتاب المرآة والمصباح، وزيجمونت باومان، عالم الاجتماع، في تشكيل كثير من أفكاري ومقولاتي التحليلية. وفي الآونة الأخيرة قرأت أعمال رئيس البوسنة علي عزت بيجوفيتش ووجدت فيها فكراً عميقاً ومنهجاً واضحاً ساعدني كثيراً على تعميق فكري ومنهجي.

أما فيما يتصل بالشأن الصهيوني فلعل كتابات الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي عن اليهودية والصهيونية (وهو أستاذ ديانات مقارنة) هي التي بيَّنت لي الطريق لتجاوز السياسي وصولاً إلى المعرفي. وكان أسلوب معالجته للموضوعات مختلفاً تماماً عما كنت أقرؤه، فقد وضَّح لي كثيراً من الأبعاد الغامضة التي أخفقت كتب السرد التاريخي في توضيحها. وقد استفدت إلى حدٍّ كبير بكتابات حبيب قهوجي وبديعة أمين وأسعد رزوق، كما قرأت أعمال جمال حمدان وتأثرت بها بشكل عميق (كما بيَّنت في كتابى المعنون اليهود فى عقل هؤلاء والصادر عن دار المعارف عام 1998 ).

وغني عن القول أن المرجعية النهائية لهذه الموسوعة (وللمشرف علىها) هو ما أسميه «المرجعية المتجاوزة»، والإيمان بوحدانية الله وثنائية الوجود الإنساني (كما هو مبيَّن في المجلد الأول المعنون الإطار النظري).

ب) المراجع:

جرت العادة على ألا تورد الموسوعات بشكل عام، والموسوعات المتخصصة على وجه التحديد، قائمة بالمراجع التي استخدمها كاتب مدخل ما. ولعل هذا يعود إلى أن مراجع المداخل التي تدور حول موضوع ما ستكون في الغالب واحدة وهو ما يؤدي إلى التكرار. كما أن مراجع مدخل واحد قد تكون من الضخامة بحيث أن حجم الموسوعة يمكن أن يتضاعف نتيجة هذا.

ولأضرب مثلاً بالمداخل التي تغطي حروب الفرنجة (المجلد السادس المعنون «الصهيونية») وسأورد فيما يلي ثبت المراجع الخاص بهذه المداخل.

1 ـ المراجع العربية:

كتب:

الأسطل، كمال محمد، مستقبل إسرائيل بين الاستئصال والتذويب: دراسة حول المشابهة التاريخية بين الغزوة الصليبية والغزوة الصهيونية. القاهرة، دار الموقف العربي، 1980.

أمين، بديعة، المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية. بيروت، دار الطليعة 1974.

الخالدي، وليد وآخرون، القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيوني. الموصل، العراق. دار الكتب والنشر لجامعة الموصل واتحاد الجامعات العربية 1983، الفصول التالية:

دكتور شاكر مصطفى، "العرب والإسلام وفلسطين عبر التاريخ".

دكتور مروان بحيري، "اليهود في أوربا الغربية والشرقية ما بين 750 و1850"، "الحركة الصهيونية منذ نشأتها حتى نشوب الحرب العالمية الأولى".

قاسـم، قاسـم عبده، الخلفية الأيديولوجية للحروب الصليبية، دراسة في الحملة الأولى، 1095 ـ 1099 ـ الكويت، ذات السلاسل للطباعة والنشر، 1988.

دوريات:

المستقبل العربي، أغسطس 1987:

عاشور، سعيد عبد الفتاح، "ملامح المجتمع الصليبي في بلاد الشام".

قاسم، قاسم عبده، "الحروب الصليبية في الأدبيات العربية والأوربية واليهودية".

2 ـ المراجع الأجنبية:

كتب:

Bradford, Ernle, The Sword and the Samitar: The Saga of the Crusades. London, Victer Gallancz, 1974.

Cutler, Allan H and H. E. Cutler, The Jew as Ally of the Muslim: Medieval Roolts of Anlti-Semitism. Indiana, Uninversity of Notre Dame, 1986.

Erdman, Carl, The Origin of the Idea of the Crusade, translated from the German by Marshall W. Baldwrin and Walter Goffart. Princeton, Princeton Universsity Press, 1977.

Mayer, Hans Eberhard, The Csusades, translated by John Gillingham. Oxford Univessity Press, 1972.

Mc Gasry, Daniel D., Medieval History and Civiliztion. New York, Macmillan, 1976.

موسوعات ومعاجم:

Concise Dictionary of World History by Bruce Wettereau. New York, Macmillan, 1983.

Encyclopedia Britannica. Chicago, Encyclopedia Britannica, 1968.

Encyclopedia Judaica. Israel, Jesusalem, Keter Publishing, 1972.

Encyclopedia of Religion and Ethics. Edinblurgh, T and T Clark, 1938.

Encyclopedia of Jewish History: Events and Eras of the Jewish People, ed. Illana Shamir and Shlomo Shairt, Israel, Massada, 1986.

فإذا أضفنا إلى كل هذا التواريخ الأساسية للجماعات اليهودية مثل جرايتز وبارون وفنكلشتاين وبن ساسون وغيرهم، ثم المراجع الخاصة بالخلفية الأوربية والعربية الإسلامية لحروب الفرنجة لزاد ثبت المراجع صفحتين أو ثلاثة ولاقترب حجمه من حجم المداخل!

لكل هذا نجد أن كل الموسوعات لا تدرج المراجع التي استخدمها مؤلف المدخل، ويكتفي بعضها بإدراج قائمة ببعض المراجع المهمة تحت عنوان "لمزيد من الاطلاع" (بالإنجليزية: فور فيرذر ريدنج For Further Reading). وقد وجدنا أن ما يحتاجه القارئ العربي ليس مجرد ثبت عادي بالمراجع وإنما ثبت نقدي يلخص أطروحات الكتب والمقالات التي ترد عناوينها فيه ويبيِّن مواطن قوتها أو ضعفها والتحيزات الكامنة فيها. وهو جهد ضخم يقع خارج نطاق هذه الموسوعة.

وأحب أن أشير إلى أننا استفدنا في المجلد السابع الخاص بإسرائيل بكتاب دليل إسرائيل العام تحرير صبري جريس وأحمد خليفة (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1996)، وبكتابات الدكتور فضل النقيب.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:56 AM
المجلد الأول: الإطـار النظــرى

الجزء الأول: إشكاليات نظرية

الباب الأول: مقـدمة

بعض مواطن القصور فى الخطاب التحليلى العربى
قد يكون من المفيد أن نبيِّن بعض مواطن القصور الأساسية في الخطاب التحليلي العربي والغربي في حقل الدراسات اليهودية والصهيونية.

ولنبدأ أولاً باستبعاد بعض أشكال الخطاب من دائرة الخطاب التحليلي والتفسيري مثل الخطاب العملي (بشقيه التعبوي ـ الدعائي والقانوني) والخطاب الأخلاقي:

1 ـ الخطاب العملي: هو خطاب له أهداف عملية مثل تعبئة الجماهير أو الرأي العام، وهو لا يُعنَى كثيراً بقضية التفسير. ونحن نُقسِّم الخطاب العملي إلى قسمين: الخطاب العملي التعبوي والخطاب العملي القانوني.

أ) الخطاب العملي التعبوي: هو الخطاب الدعائي المحض الذي يتوجه، على سبيل المثال، إلى الرأي العام العالمي فيُوضِّح له أن "إسرائيل دولة معتدية" وأن "اللاجئين الفلسطينيين سُبة في جبين البشرية"، وأن "المستوطنين الصهاينة يستولون على الأراضي الفلسطينية دون وجه حق" وأنهم "عنصريون يعذبون النساء والأطفال"، وهكذا. ويمكن أن يتوجه الخطاب الدعائي نحو الداخل ليصبح خطاباً تعبوياً يهدف إلى تعبئة الجماهير ضد العدو الصهيوني وضد المؤامرة المستمرة (أو العكس الآن، إذ يمكن أن يقوم الخطاب التعبوي بالتبشير بالسلام). وغني عن القول أن مثل هذا الخطاب لا يفيد كثيراً في فَهْم ما يجري حولنا، فهو لا يكترث به أساساً. ونحن لا نقف ضد الدعاية أو التعبئة ولكن الهام أن نعرف أنهما أمران مختلفان عن التفسير.

ب) الخطاب العملي القانوني: ويمكن للخطاب العملي أن يكون قانونياً وتصبح القضية هي المرافعة لتوضيح الحق العربي والأساس القانوني له. والشكل الأساسي الذي يأخذه هذا الخطاب هو مراكمة قرارات هيئة الأمم المتحدة الواحد تلو الآخر في مجلدات ضخمة تُطبَع بعناية فائقة وتُوزَع على الهيئات والدول والمنظمات الدولية المعنية. ومثل هذا الخطاب لا يُعنَى كثيراً بتفسير أسباب الصراع أو بنيته أو طرق حله أو تصعيده أو إدارته. ولا شك في أن معرفة الإطار القانوني للصراع أمر مهم للغاية ولكنه يختلف تماماً عن عملية التفسير التي تنطوي على جهد أكثر تركيباً من مراكمة القوانين.

ومن الأشكال الأخرى للخطاب القانوني ما يُنشر من دراسات تحت شعار "من فمك ندينك يا إسرائيل". وهذه الدراسات تتكون عادةً من اقتباسات من كتابات بعض المؤلفين الإسرائيليين ومن أعضاء الجماعات اليهودية ينتقدون فيها اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وإسرائيل. وتوضع الاقتباسات التي لا يربطها رابط، جنباً إلى جنب ثم تُقدَّم باعتبارها أدلة دامغة في المرافعة التي لا تنتهي ضد الصهيونية وإسرائيل وكل اليهود!

ساجدة لله
2010-10-23, 04:56 AM
2 ـ الخطاب الأخلاقي: وهو الخطاب الذي يَصدُر عن قيم أخلاقية إنسانية ويحاول أن يحض على وضعها موضع التطبيق. ويمكن القول بأن ثمة نقط تشابه أساسية بين الخطابين الدعائي التعبوي والعملي القانوني من جهة والخطاب الأخلاقي من جهة أخرى، فجميعها ذات تَوجُه عملي غير تفسيري. فمقولات أخلاقية مثل الاعتدال والتسامح والإنصاف والخير ليست مقولات تحليلية أو تفسيرية، فهي تعبير عن حالات عقلية أو عاطفية وعن مواقف أخلاقية ولا علاقة لها ببنية الواقع المُركَّبة أو العملية التفسيرية. وهذه المقولات تجعل الباحث يُركِّز على الحالة العاطفية والعقلية للفاعل ويستبعد العناصر الأخرى، أو تجعله يُركِّز هو نفسه على إصدار الحكم الأخلاقي الصحيح على الأحداث بدلاً من دراسة بنية الواقع وآلياته وحركياته بهدف تفسيره. ولنأخذ قضية الاعتدال. يمكن القـول بأن الكــيان الصهيوني هو بنية عدوانية بغض النظر عن نية الفاعل الصهيوني ومواقفه الأخلاقية الفردية. فالمشروع الصهيوني هو مشروع يهدف إلى نقل كتلة بشرية من العالم الغربي إلى فلسطين بحيث تحل الكتلة البشـرية المُهجَّرة محــل سكان البلد الأصليين، بكل ما يَنتُج عن ذلك وبشكل حتمي من إحلال وطرد وإبادة. وهي نتائج تتجاوز نوايا العناصر البشرية الفردية المُشتركة في عملية النقل. ولكن هناك بعض الصهاينة المعتدلين، حسني النية والطوية، ممن تخلوا عن القيم الداروينية الشائعة. ولكنهم، رغم إنسانيتهم الحقة وأخلاقيتهم الواضحة، لم يستطيعوا أن يحققوا شيئاً بسبب طبيعة الصهيونية الاستيطانية الإحلالية. فتمسُّك هؤلاء بالقيم الأخلاقية النبيلة لا يَصلُح كثيراً لتفسير الظاهرة المركبة، لكن هذا لا يعني إسقاط نوايا الفاعل أو توجهه الأخلاقي، وخصوصاً إذا كانت هذه النوايا حقيقية، والمهم ألا نخلط بينها وبين بنية الصراع.

ولنضرب مثلاً آخر على عدم جدوى استخدام مقولة «الاعتدال» لتفسير الظواهر. فمن المعروف أن الاعتدال الصهيوني اختلف من جـيل إلى جيـل، حتى أن المعتدلين الآن (بعد تآكل العرب) هم في واقع الأمر متطرفو الأمس. ولذا، فإن طالب العرب (على سبيل المثال) بقبول قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1948 كأساس لحل القضية الفلسطينية عام 1996، أو حتى بالانسحاب لحدود عام 1967، فإن مثل هذه المطالب يُعتبَر تطرفاً وتشدداً وإرهاباً. ويُطلَب من العرب بعد ذلك أن يُظهروا شيئاً من التسامح وأن يتنازلوا عن أوطانهم حتى يمكن وصفهم بالاعتدال!

أما الإنصاف، فيمكن أن أضرب مثلاً على انعدام قيمته التفسيرية من كتاب صدر عن اليهود والماسون في مصر وحاول مؤلفه أن يكون "منصفاً"، فبيَّن أنه ليس كل اليهود ماسوناً وليس كل الماسون يهوداً، وأن هناك قيادات وطنية مصرية لا شبهة في وطنيتها انضمت للحركة الماسونية وهناك قيادات أخرى لم تنضم. وقد وثَّق المؤلفُ كل هذا بمادة أرشيفية ممتازة دون أن يُفسِّر لنا شيئاً عن الماسونية أو عن الظواهر التي أشار لها.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:57 AM
وقد ظهرت مؤخراً مصطلحات أخلاقية مثل «ثقافة السلام وثقافة الحرب» ليست لها قيمة تحليلية كبيرة، وهي مصطلحات تخلق الوهم بوجود شيء أخلاقي مطلق اسمه «السلام» مقابل شيء آخر لا أخلاقي مطلق يُسمَّى «الحرب» ولا يوجد أي منهما داخل أي سياق إنساني وتاريخي أو اجتماعي. وقد تمت تعبئة مصطلح «ثقافة السلام» بكل الإيحاءات الإيجابية الممكنة وأصبح الحديث عن "الحرب" مهما كانت أسبابها ومهما كانت الدوافع وراءهـا (مثل الحرب من أجل تحرير الأرض والذات على سبيل المثال) أمراً سلبياً وشكلاً من أشكال العنف. ونحن نطرح جنباً إلى جنب مع «ثقافة السلام والحرب» مصطلح «ثقافة العدل والظلم». ولذا يمكننا أن نتحدث عن «ثقافة السلام والعدل» مقابل «ثقافة الحرب والظلم». كما يمكن أن نتحدث عن «ثقافة السلام والظلم» وثقافة «الحرب والعدل». والهدف من كل هذا هو أن نبيِّن البُعد الأخلاقي لمثل هذه المصطلحات وأنها ليست، في واقع الأمر، مصطلحات وصفية وإنما هي مصطلحات وعظية وتعبوية، وأن نزيد من تركيبيتها ومقدرتها على التعامل مع واقع الإنسان المُركَّب.

ونحن لا نرفض القيم الأخلاقية وضرورتها للإنسان كإنسان، بل نرى أن التفسير لابد أن يُترجم نفسه في نهاية الأمر إلى فعل إنساني فاضل، بحيث يقف الإنسان وراء ما يُتصوَّر أنه إنساني وأخلاقي (المعروف)، ويقف ضد ما يُتصوَّر أنه غير إنساني وغير أخلاقي (المنكر). إلا أن مثل هذا الموقف الأخلاقي الإنساني، هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لابد أن يسبقه إدراك كامل لطبيعة الموقف الأخلاقي وتحليل للواقع المتعيِّن بكل مكوناته وتركيبيته حتى يمكن فهمه قبل الحكم عليه.

ساجدة لله
2010-10-23, 04:57 AM
ويمكننا الآن أن ننصرف إلى عيوب الخطاب التحليلي الذي يهدف إلى تفسير الواقع:

1 ـ ولنبدأ بأهم الأشياء، أعني المسلمات أو المقولات التحليلية الأساسية. فمن الواضح أن كثيراً من الدراسات العربية تبنت (عن وعي أو عن غير وعي) معظم أو كل المسلمات أو المقولات التحليلية الغربية التي تتعامل الحضارة الغربية من خلالها مع العقيدة اليهودية ومع أعضاء الجماعات اليهودية، وهي مقولات أو مسلمات في معظمها ذات أصل إنجيلي مثل «التاريخ اليهودي» و«الشعب اليهودي». وهذه المقولات الإنجيلية احتفظت ببنيتها الأساسية دون تغيير، حتى بعد أن تم علمنتها وتفريغها من القداسة والأبعاد الدينية، فاليهود لا يزالون (في الوجدان الغربي الحديث) كياناً مستقلاً يتحركون داخل تاريخهم المستقل. وبعد أن كانوا يهيمون في البرية ويصعدون إلى كنعان ويهبطون إلى مصر، أصبحوا الآن يهيمون في أنحاء العالم، وبخاصة العالم الغربي، متطلعين طيلة الوقت إلى الصعود إلى فلسطين. ومن ثم، يخلع الوجدان الغربي على اليهود التفرُّد باعتبارهم الشعب المختار، وينزع عنهم القداسة باعتبارهم قتلة الرب والشعب المنبوذ الذليل، ثم يُحيِّدهم تماماً باعتبارهم مادة استعمالية ليس لها أهمية خاصة.

وهذه البنية تشكل نموذجاً محدَّداً (صهيونياً معادياً لليهود في ذات الوقت)، فهي ترى اليهود باعتبارهم إما ملائكة رحيمة أو شياطين رجيمة، إما باعتبارهم مركز الكون فلا يمكن للتاريخ البشري التحرك بدونهم أو باعتبارهم مجرد أداة أو شيء هامشي لا أهمية له في ذاته على الإطلاق. ومن خلال هذا النموذج، تم استبعاد كم كبير من المعلومات أو تم تهميشه، كشيء ليست له أهمية كبيرة. فعداء بلفور لليهود هو حقيقة تُذكر ثم يطويها النسيان باعتبارها انحرافاً وشذوذاً. وصهيونية غير اليهود التي تمتد من عصر النهضة في الغرب حتى الوقت الحاضر والتي تسبق صهيونية اليهود، والتي اكتملت فيها ملامح الفكر الصهيوني، تُذْكَر هي الأخرى بشكل وثائقي وكأنها طُرفة دون أن تُعطَى المركزية التفسيرية التي تستحقها. ذلك لأن النموذج التفسيري الغربي يرى أن الصهـيونية هي حـركة يهودية، وأنها تنبع من صفحـات العهـد القــديم أو تطلعات اليهود الأزلية للعودة إلى صهيون.